منتدى التجديد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى متجدد قادم بقوة انشاء الله
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التلقي المسرحي في المسارح التجريبية الحديثة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 106
تاريخ التسجيل : 01/09/2010

التلقي المسرحي في المسارح التجريبية الحديثة Empty
مُساهمةموضوع: التلقي المسرحي في المسارح التجريبية الحديثة   التلقي المسرحي في المسارح التجريبية الحديثة I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2010 5:01 pm

التلقي المسرحي في المسارح التجريبية الحديثة.
الدكتور سعيد كريمي المغرب


1- توطئة :
إن القاسم المشترك الذي يجمع بين جل النظريات النقدية والفنية عبر التاريخ هو اهتمامها الكبير بالنص والمؤلف وتهميشها للقارئ/ المتفرج رغم أن من أجله تكتب النصوص وتنجز العروض المسرحية وبدونه لا تكتمل حلقة أي عمل إبداعي.
وقد حقق النقد الأدبي نقلة نوعية من خلا ل تملصه من سلطة المؤلف وتركيزه على شكل النص مع الشكلانية, وبنيته مع البنيوية وخلخلته مع التفكيكية ... وصار من المفروض الانتباه إلى القارئ الذي ظل منسيا, إلا أن ذلك لايمكن أن يتم إلا بانتفاء المؤلف. يقول رولان بارث R.Barthes " لقد أصبحنا نعلم أن الكتابة لايمكن أن تنفتح على المستقبل إلا بقلب الأسطورة التي تدعمها, فميلاد القارئ رهين بموت المؤلف" (1). وبالفعل, فإن مهمة المؤلف تنتهي عندما يضع نقطة النهاية لعمله الإبداعي وهو غير معني بتفسير وتأويل الدلالات التي يطفح بها عمله, بل إن هذه المهمة موكولة أساسا للقارئ. "فالنص لا قيمة له بدون القارئ. ودلالة النص هي التي يحددها القارئ لا النص "(2).
وعليه, فإن فعل القراءة الذي يمارسه القارئ صار ذا أهمية بالغة, إذ إن كل قراءة هي في حد ذاتها إضافة و إغناء لمتن النص المقروء. ولايمكن في كل الأحوال تجاهل القارئ والاهتمام في المقابل بالسياق التاريخي والسوسيوثقافي الذي أفرز النص كما هو الحال بالنسبة للماركسية أو غيرها من النظريات الأخرى الأحادية النظرة والتي تركز على جانب وتغفل جوانب أخرى تماشيا مع التصور الإيديولوجي الذي يحكمها. والحال أن الاهتمام يجب أن يخرج من شرنقة إنتاج النص إلى تلقيه" ذلك أن القراءة ليست فقط تلقيا للنصوص ولكنها أيضا تأثير عليها. ورغم طابعها المنفعل , فإنها تتحول إلى مقياس وحكم. والقراءة الفضولية الاستكشافية –القراءة الفعالة- تساوي عملا موازيا للكتابة , وتكتسي نفس أهميتها" (3).
وإذا انتقلنا إلى المسرح, فإننا نجد أن الجمهور منذ البدايات الأولى كان طرفا فاعلا في العمل المسرحي, إذ عليه يتوقف نجاح أو فشل العروض التي كانت تقام آنذاك, فتكون بذلك له كلمة الفصل. والذي يثمن ما نقوله هو أنه على الرغم من كون مسرحية " أوديب ملكا للشاعر الفحل سوفوكل أروع ما خلفه اليونان من آثار مسرحية , فإنها لم تنل الجائزة الأولى في المسابقات الاحتفالية بأعياد ديونيزوس, وإنما فازت بها مسرحية لشاب ناشئ اسمه فيلوكس وهو ابن أخت الشاعر الكبير إشيل ".(4) فالجمهور إذن كان يمارس النقد المباشر وان أدى ذلك إلى التمحل والإعتساف في حق أحد عمالقة المسرح. إذ إن هذه المهمة كان من المفروض أن توكل إلى أخصائيين في هذا المجال حتى يكون التقييم موضوعيا. إلا أن الديمقراطية الأثينية أبت إلا أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ويتم الإلتجاء إليه ما دام أن المسرح عند اليونان كان يدخل في إطار الشأن العام والثقافة العامة.
وإذا وصلنا إلى أر سطو – الأب الروحي للمسرح- الذي يشكل سلطة نقدية ومرجعية مركزية, فإننا نجده هو الآخر يعطي للمتفرج قدرا من الإهتمام من خلال إشراكه في الحدث المسرحي و تأثره واندماجه مع سيرورة الحكاية المتضمنة في التراجيديا التي يعرفها بكونها : " محاكاة فعل نبيل تام لها طول معلوم, بلغة مزدوجة بألوان من التزيين, تختلف وفقا لاختلاف الأجزاء ]...[ وتثير الرحمة والخوف, وتؤدي إلى التطهير من هذه الإنفعالات " (5).
ومن المؤكد أن تطهير النفوس هو المرمى والغاية التي كان يسعى إليها المسرح اليوناني من خلال عرض مجموعة من التراجيديات المتمحورة حول شتى أنواع المعاناة والقسوة الرهيبة التي يعانيها الأبطال, والتي تدفع بالجمهور إلى التعاطف معهم ومقاسمتهم لآلامهم و أحزانهم... وهذا يعني أن الجمهور هو المستهدف بالدرجة الأولى, مما يجعلنا نقر بأن المسرح اليوناني أعطى لمسألة التلقي مكانة خاصة بها.
ومنذ العصر الإليزبيتي الذي تنفس فيه المسرح الصعداء بعد الإجهاز الذي طاله أثناء العصور الوسطى, بدأ المسرح يستعيد مكانته شيئا فشيئا عقب الثورة الفرنسية, وانبلاج عصر الأنوار ومعه التجريب الذي شمل كل الميادين العلمية والتقنية و الأدبية والفنية بما في ذلك المسرح. إلا أن إشكالية التلقي المسرحي لم تطرح إلا في الفترة الزمنية المعاصرة خاصة بعد التطور الكبير الذي عرفته السميولوجيا وأعمال مدرسة كونسطانس الألمانية, واجتهادات المسرحيين التجريبيين والطليعيين الذين وضعوا اللبنات الأساسية للتلقي المسرحي وقعدوا لهذه العملية.
2- نحو مقاربة لإشكالية التلقي المسرحي :
في ظل التهميش الذي مورس على المتلقي بصفة عامة والمتلقي المسرحي على وجه الخصوص, برزت إلى السطح مجموعة من الصيحات والنداءات التي حاولت رد الاعتبار إلى المتلقي الذي عليه يتوقف الاعتراف بالعمل المسرحي وتقييمه والحكم عليه. ومما لاشك فيه أن التلقي المسرحي عملية في غاية التعقيد, وتزداد هذه الصعوبة كلما تعلق الأمر باختلاف الحقول الثقافية والمرجعيات الحضارية بين منتج العرض ومتلقيه. لأن الأول يوجه مجموعة من الخطابات المسننة المنبثقة من توجهه الفكري والثقافي إلى المتفرج الذي يجب عليه فك هذا التسنين وخلخلته وهو ما يتطلب منه إلماما معرفيا بثقافة الغير.وهذا يعني أن المتفرج/المتلقي هو أيضا مشارك فعلي في بناء العمل وقراءته " وكل وصف لبنية النص يجب أن يكون في نفس الآن وصفا لحركات القراءة التي يفرضها. وهذين المظهرين مترابطين "(6).
وبما أن معنى أي نص أو عرض هو عدد قراءاته, فإنه يكون أرضية مشاع لكل القراء المتلقين. فعندما يفرغ المخرج من الكتابة السينوغرافية تبدأ مهمة المتلقي الذي من أجله أنجز هذا العرض, أي أن عليه أن يقوم باكتشاف الدلالات وترويض المعاني التي ينطوي عليها كل نص أو عرض. ولعل هذا ما دفع رائد مدرسة كونسطانس الألمانية – التي اهتمت بشكل خاص بجمالية التلقي – هانس روبير ياوس H.R.Jauss إلى القول بأنه " لا يمكن تصور حياة عمل أدبي في التاريخ دون المشاركة الفعلية للمتلقين الذين يوجه إليهم هذا العمل "(7).
وقد كان الإهتمام منصبا على مر التاريخ على جمالية الإنتاج التي وقع منظروها في مجموعة من الشوائب و الأخطاء. في حين تم إهمال جمالية التلقي. ورغم كون هذه الأخيرة حديثة العهد, إذ لم يمض في التنظير لها سوى سنوات قلائل, فإنها استطاعت أن تتمركز بشكل جيد وأن تستوعب خطابات جمالية الإنتاج بل وأن تتجاوزها. ويرى باترس بافيس P.Pavis أنه على الرغم من الاهتمامات المتزايدة بجمالية التلقي من قبل تيارات مختلفة " فإن هذه التيارات عليها أن تستفيد من أخطاء جمالية الإنتاج التي تميزت بأحادية الجانب Unilaterale في مسلماتها. كما أن عليها أيضا أن تقيم مصالحة في إطار العلاقة الجدلية بين الإنتاج والتلقي. فكل واحد يتحدد في علاقته بالآخر (Cool.
وغالبا ما يراهن المنتجون المسرحيون على الرقص على جراح الجمهور المفترض والاستجابة لأفق انتظاره, ويحاولون الابتعاد عن التجريب الذي ينأى عن المألوف والمتداول. ويقدم باتريس بافيس بانوراما لنظريات الإنتاج والتلقي في الترسيمة التالية:

جمالية الإنتاج جمالية التلقي

نوع العلامة
العلامة والتلقي
بعد تداولي


بعد تركيبي
بعد دلالي
3) جمالية المتلقي
أ- نظرية القراءة والتحقيقات
- التحقيق التخييلي
ب- نظرية حركية المتلقي.
نظرية النص الإيديولوجيا.
ج) نظرية الضوابط الاجتماعية. 4) التداوليات
أ) نظرية الأفعال اللغوية.
ب) نظرية التخييل.
ج) قوانين.
ن) نظرية الخطاب.

1) الشكلانية
أ – البحث عن الخاصية والسميولوجيا الشكلية
ب- البنيوية
2) نظرية النص ونظرية الضوابط النصية. سوسيولوجيا المضامين
نظرية المرجع والانعكاس.

حقل نظريات الخطاب والتلقي (9)


وتقرأ هذه الترسيمة أفقيا انطلاقا من الأعمدة الأربعة الأساسية. وهي تمثل أهم النظريات والتيارات التي اهتمت بالإنتاج والتلقي المسرحيين.
وقد استفاد رواد المسرح ومنظروه بشكل كبير من جمالية التلقي ومدرسة كونسطانس الألمانية, واستعاروا منها مجموعة من الأدوات الإجرائية والمفاهيم, ومن بينها أفق الانتظار horizon ďattente ľ الذي يعرفه قيدوم هذا التوجه النقدي الجديد هانس روبير ياوس بقوله : " ...إن أفق الانتظار لدى جمهور معين يعني النظام المرجعي...المنبثق عن ثلاثة عوامل أساسية : أولها معرفة الجمهور القبلية بنوعية الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه هذا العمل. وثانيها شكل وتيمة الأعمال السابقة التي يفترض معرفتها في العمل. وثالثها التعارض بين اللغة الشعرية واللغة التطبيقية وبين العالم المتخيل والعالم اليومي"(10).
يتضح من مقولة ياوس أن أفق الانتظار هو الحالة القبلية التي يكون عليها المتلقي قبل استقباله للعمل الإبداعي أو الأدبي, و يستند على ثلاثة عناصر رئيسية هي : الجنس الأدبي والتناص والتخييل. وينتج عن تلقي المتفرج لعمل ما إما الاستجابة لأفق انتظاره, بمعنى أن العمل الذي تلقاه هو عمل عادي ومبتذل, و إما تخييب أفق انتظاره إذا كان العمل دون المستوى , أو تغيير أفق انتظاره في حالة ما إذا كان العمل جديدا وتجريبيا يتجاوز المتداول ويقدم اجتهادات وإضافات نوعية ومختلفة. واستنادا إلى ياوس حاول كيرايلام تحديد أفق الانتظار – أو أفق التوقع- في علاقته بالمسرح قائلا : " إن إدراك المشاهد المعرفي للإطار المسرحي ومعرفته بالنصوص والقوانين النصية والاتفاقات يشكلان بالإضافة إلى إعداده الثقافي العام وتأثير النقاد والأصدقاء وغير ذلك ما يعرف في علم جمال التلقي بأفق التوقعات الذي بواسطته يتم قياس المسافة الجمالية التي يولدها العرض في ابتكاراتها وتعديلها للتوقعات المستقبلية"(11).
يبدو إذن والحالة هاته أن هناك ارتباطا وثيقا بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي في تشكيل أفق الانتظار أو التوقع لكل متفرج على حدة. والجانب الموضوعي يتكون من مجموع المبادئ والأعراف والقيم الأخلاقية والمعرفية والثقافية السائدة داخل مجتمع معين, والتي ليست حكرا على جماعة أو شخص بعينه. بينما الجانب الذاتي يتعلق بالتكوين الشخصي للفرد ومدى تفاعله مع الجانب الموضوعي لجعله يحقق استقلالية نسبية وتميزا داخل حيز مجتمعي محدد.
واستفاد المسرح كذلك من الرائد الثاني لجمالية التلقي الألماني وولفغانغ ايزر W.Iser, وخاصة نظرية الوقع الجماليThéorie de ľ effet esthétique التي تتجلى في العلاقة بين النص ومتلقيه, وهي تقوم على ثلاثة أعمـدة هــي النص والقــارئ
وتفاعلهما (12).
وحاول ايزر ممارسة الاختلاف مع ياوس الذي جعل أفق الانتظار والمسافة الجمالية لا تخرج عن الإطار الذاتي والموضوعي مستبعدا أي عناصر خارجية, في حين أن ايزر استبعد كون الوقع الجمالي نابعا من طبيعة الأدب نفسه, بل من العلاقة الجدلية والحوارية التي تجمع النص بمتلقيه وسيرورة هذه العملية.
ويمكن في المسرح الاستغناء عن العلبة الإيطالية وقطع الديكور والإنارة والموسيقى... لكن الذي يظل ثابتا هو الممثل والمتفرج باعتبارهما محورا التمسرح. ولا يمكن تصور أي عمل مسرحي بدونهما. إلا أن العلاقة بينهما لم تكن على الدوام متكافئة, بل إن الكفة كانت دائما تميل لصالح الممثل / المرسل. وقد انتقد بافيل كامبيا نوPavel campiano هذا التوزيع غير الدقيق وغير العادل بين الممثلين والمتفرجين الذين يقومون في الغالب بدور سلبي داخل قاعة المسرح. ذلك أنه " بمجرد انطلاق العرض المسرحي يكون لكل ممثل دور محصور ومحدد, في حين أن المتفرجين يقومون بنفس الدور. لهذا يكون حضور كل ممثل أساسي بالنسبة للعرض كله في الوقت الذي يمكن فيه تعويض كل متفرج بمتفرج آخر... فالممثلين لهم وظيفة نوعيةQualitatif بينما المتفرجين لهم وظيفة كمية Quantitatif وينظر إليهم باعتبارهم عددا معينا ليس إلا (13).
ومن ثم, فإنه يجب إعادة النظر في هذا التوزيع غير العادل للأدوار والنظر إلى المتفرج باعتباره صانعا للفرجة أيضا وليس فقط مستهلكا سلبيا لها. فالمتفرج هو اللبنة الأساسية لكل عمل مسرحي, وبغيابه يصير هذا العمل غير ذي بال. إذ من المفروض أن يقوم بمهمة تقييمية وتقويمية في نفس الآن. وبفضل احتجاجاته وصخبه ومناقشاته وتشجيعا ته ينتبه المخرج المسرحي إلى مكامن القوة والضعف في عمله. وهو ما تثمنه آن أوبر سفيلد Anne Ubersfeld بقولها : " يجب أن نعلم أن المتفرج هو الذي يخلق الفرجة مثله في ذلك مثل المخرج المسرحي. فهو يعيد تركيب العرض كله على المحورين العمودي والأفقي. فالمتفرج مضطر ليس فقط لتتبع حكاية معينة, ولكن لإعادة تركيب الوجه العام لكل العلاقات المتصلة بالعرض في كل لحظة " (14).
وهنا تكمن المهمة الصعبة الملقاة على عاتق الجمهور. ذلك أن فهم وتأويل أي عمل مفتوح يمر عبر المؤلف الذي يشحنه بتصوره الشخصي المسكون بتجربته وزوايا نظره ورؤيته للعالم. ثم يأتي بعد ذلك المخرج الذي يعد مسرحة هذا النص, ليقذف به إلى الممثل سيد الخشبة ليضع عليه بصماته الخاصة. وليصل في آخر محطة إلى الجمهور الذي يتلقاه بآفاق انتظارية مختلفة تختلف باختلاف المستويات السوسيوثقافية للمتفرجين. وبما أن العرض المسرحي " ساحة تباينات لا بيانات, ساحة تفجير لمعان لا حصر لها ", ومرتع لتعدد العلامات السمعية والمرئية , فإن المتفرج يحاول في زمن قياسي التركيب بين مختلف هذه العناصر التعبيرية ومطاردة المعاني.
ومن الصعب جدا على المتفرج العادي أن يرى ويسمع وينظر إلى الشخوص ويتذكر جميع العلامات وكل الحركات في مرة واحدة. وهذا يعني أن " إعادة سميأة العرض تتطلب من المتفرج بناء معنى لكل علامة يتلقاها. كما انه يعود إلى المعنى المتضمن داخل الفكرة بعد العمل التحليلي للفرجة... ما دام كل تحليل يتطلب إعادة تجميع العلامات وبناء المجموعات..." (15).
كما أن هناك علاقة جدلية ومرجعية بين العالم الخارجي –عالم التجربة والثقافة-
والعالم المفترض المحدود داخل الفضاء المسرحي. وهو ما يجعل المتفرج يتوزع بين الواقع والمتخيل, ويحاول قدر الإمكان مقارنة ما يراه على الخشبة بعالمه اليومي الذي يتحرك داخله بصورة مطردة و يعيش حياته بتلويناتها و تشعباتها.
و من المؤكد أن المشاهدة المسرحية تحقق الفائدة لدى المتفرج، كما أنها أيضا تحقق لديه المتعة Le plaisir. و إذا كان رولان بارت يتحدث عن " لذة القراءة "، فإن أوبر سفيلد تؤكد على شتى أنواع المتع التي يجنيها المتفرج من خلال متابعته للعروض المسرحية. فهناك "لذة المشاركة و لذة السخرية و لذة الفهم....و لذة الضحك و البكاء، ولذة الحلم والمعرفة و اللعب و المعانات .... و يمكن الاستطراد في لعبة الثنائيات الضدية إلى ما لا نهاية له "(16).
و بالجملة، فإنه بالنظر إلى كون العرض المسرحي تكثيفا لمختلف أنواع العلامات و بناء على كون العلامة المسرحية ذات طبيعة معقدة, وتتراوح بين الرمز و الكلمة و الأيقونة،و الإشارة و الصرخة والصمت ... فإنه من الواجب أيضا تعليم المتفرج كيفية المشاهدة حتى يكون متفرجا إيجابيا و فاعلا. و لن يتأتى ذلك طبعا إلا إذا تشبع هذا المتفرج المفترض بثقافة مسرحية، و صار المسرح بالنسبة إليه فنا يوميا و مألوفا و ليس فنا طارئا و دخيلا على تربته الثقافية.
3 - دور الجمهور في المسارح التجريبية الحديثة:
إن نظرة المسارح التجريبية إلى الجمهور تختلف باختلاف التصورات الفكرية والجمالية لأصحابها. ذلك أن رواد المسارح التجريبية والطليعية أحدثوا ثورة فنية زعزعت كل المفاهيم المسرحية التقليدية وأسسوا مسارح متمردة على الشعرية المسرحية الأرسطية. وبذلك أعادوا النظر في التطهير الأرسطي, وتوزعت تصوراتهم بين الاندماج الكلي أو الجزئي للمتفرج, وبين عدم اندماجه أو احتفاظه بالمسافة اللازمة عن مجريات العرض ليتمكن من غربلة ونقد ما يقدم إليه. غير أن ما بنيغي التأكيد عليه, هو أن هذه المسارح اهتمت بشكل كبير بالجمهور باعتباره أحد الأطراف الأساسية المكونة لعملية التمسرح, وأولته مكانة مرموقة ان على مستوى التنظير أو على مستوى الممارسة. وصارت المشاهدة والتلقي ركنا أساسيا من أركان المسرح الحديث, حيث انصب الاهتمام بشكل كبير على العين والصورة والجسد, ولم تعد للغة الحوارية الكلامية نفس الأهمية التي كانت تكتسيها مع المسارح الكلاسيكية. لهذا صار لزاما على المتفرج أن يطور إمكانياته وثقافته حتى تساير التطور النوعي الذي تعرفه المسارح التجريبية. وإلا فإن التواصل سيكون صعبا بين المرسلين والمتلقين. ويهمنا في هذا الإطار أن نقف عند ثلاثة نماذج أساسية هي : مسرح القسوة والمسرح الملحمي والمسرح الفقير.
3-1: مسرح القسوة : جسد المتفرج محور التلقي.
أولى أنطونان أرطوA.Artaud للمتفرج في مسرح القسوة أهمية محورية حيث جعل منه بؤرة توتر يدور حولها الحدث, كما أنه حدد حتى الآثار النفسية والعقلية والجسدية التي تزامن أو تعقب عملية تلقي الفرجة. فمنذ مسرح الفريد جاري A.Jarry أعلن أرطو أن " المتفرج يذهب إلى المسرح من الآن فصاعدا وكأنه يقصد جراحا أو طبيب أسنان في نفس الحالة الفكرية. فكرة أنه لن يموت طبعا ولكنه يعي أن الأمر خطير, وأنه لن يخرج من العملية سليما. ونحن إن لم نتوصل إلى إصابته بأخطر ما يمكن فإننا سنكون دون مسؤولياتنا وعملنا, يجب أن يعلم أنه باستطاعتنا جعله يصرخ "(17).
إن هذا التشبيه لا يخلو من بلاغة معنوية, كونه يركز على أن المسرح ليس مكانا للتسلية وتمضية الوقت, بل هو قاعة كبرى للعمليات الجراحية التي تتم على مستويات متباينة ومختلفة, فالمتفرج إن لم يهتز ويتزعزع ويغلف بالحدث الدرامي نفسه, ويشعر بالقسوة الكونية, فإن الفرجة الأرطية ستكون قد أخطأت هدفها.
يطلب أرطو من المتفرج أن يقبل بالسير خارج حدود اليومي, والدخول في المناطق السديمية لأنه يقترح عليه مسرحا مخالفا للمسارح السيكولوجية المبنية على الحوار الفارغ والكلام المجاني. ويقترح التعامل مع المتفرج مثل الثعابين التي تتأثر بالموسيقى وتنفعل وتتجاوب معها, يقول موضحا ذلك : " أقترح التعامل مع المتفرجين مثل الثعابين التي نسحرها, ونعيدها عن طريق الجسد إلى المفاهيم الأكثر حذقا... لهذا فان المتفرج في مسرح القسوة يكون في الوسط في حين أن العرض يحيط به ". (18).
إن الترتيب الجديد للفضاء الذي يقترحه أرطو يخلق نوعا من الاتحاد و الالتحام بين الممثل والمتفرج حيث يتم هدم كل الحدود. وبهذا يصبح الجسد محور صنع الفرجة وتلقيها في نفس الآن. فوجود المتفرج في قلب الأحداث من خلال حذف الخشبة يجعله هو الآخر ممثلا بامتياز, إذ لا يوجد أي حاجز يفصل بينه وبين المثلين.
يجب على المتفرج إذن أن ينخرط في اللعب المسرحي وألا يبقى كدمية تطل من برج عاجي على مجريات الأحداث دون أن تكون له اليد الطولى في إثراء الفرجة من زوايا مختلفة, ذلك أن الشكل الدائري للفضاء الذي تعرض فيه الفرجة يجعل الممثلين يحيطون بالمتفرجين من زوايا مختلفة من القاعة. وهذا ما سيسهل عملية الاتصال والاندماج بين المرسلين والمتلقين " ويصبح المسرح إذن احتفالا جماعيا يشترك فيه الممثل والمتفرج بالتساوي " (19).
ولا يركز أرطو على تقديم مجموعة من المعلومات والمعارف للمتفرج بقدر ما يستهدف زعزعة عقله وتفكيره والدفع به إلى حالة الجدبة La transe حيث يجد السحر والهذيان مكانا له, وينتفي دور العقل والمنطق ويغدو المسرح وكأنه عيادة استشفائية من الأمراض والأسقام الكونية الفجة. يقول جون جاك روبين J.J..Roubine " افترض المسرح الآرطي جعل المتفرج في حالة جذبة, وفي الوقت الذي يستلزم فيه حتى مفهوم الطقس طقوسية ما هو احتفالي... يسعى مسرح القسوة إلى فرض نفسه كحدث وحيد عبر قوته " (20).
و إذا كان برتولد بريشت يستهدف تثوير الواقع بغية تغييره من خلال استراتيجية التلقي التي يقترحها بالدفع بالمتفرج نحو اكتساب ثقافة ثورية راديكالية مناهضة للبورجوازية, فإن هناك من شبه الأثر الذي تخلفه فرجات مسرح القسوة بالتطهير الأرسطي, غير أن هناك اختلافا كبيرا بين هذا التطهير والتطهير الآرطي, وهو ما يوضحه فرانكوطونيلي F.Tonelli بقوله : "إن الظاهرة التطهيرية بالنسبة لأرطو ليس هدفها تحرير المتفرج من بعض الانفعالات الأساسية كالخوف والشفقة, لكن التطهير يعني ببساطة بالنسبة إليه الوعي بالقوى التي نحس بها جزئيا, واكتشاف أنا جماعية, هي بداية في حد ذاتها "(21).
ويذهب أرطو كذلك إلى أن المسرح يجب أن ينتج التراجيديا في أصفى حالاتها, بحيث لا تترتب عنها لا لذة ولا متعة, ولكن فقط الألم والقلق والقسوة. وهذا يعني أن مسرح القسوة يدعو إلى إعادة تشكيل الآفاق الإتتظارية للجمهور الذي تعود على استهلاك ما تقذف به المسارح الكلاسيكية المبتذلة.
3 – 2 : المسرح الملحمي: التغيير بدل التطهير.
إذا كانت الدراما الأرسطية قد خيمت بظلالها الكثيفة على الفن المسرحي في جل الحقب والعصور, فإن هذه الهيمنة سيتم الإعلان الرسمي عن أفول شمسها مع بروز مجموعة من الجماليات المسرحية التجريبية المعاصرة خاصة مسرح برتولد بريشتBertold Brecht الملحمي الذي شكل نقطة تحول كبرى في تاريخ المسرح. وأحدث تغييرا جذريا مس كل الجوانب الفنية والفكرية والإيديولوجية التي أقيم عليها المسرح بما في ذلك التلقي والدور الطلائعي الذي ينبغي أن يلعبه الجمهور داخل الفضاءات المسرحية.
وللتدليل على المكانة الهامة التي شغلها الجمهور داخل أدبيات بريشت نورد أحد نصوصه التي يقول فيها " المسرح بدون جمهور شيء لا معنى له... وبالتالي فمسرحنا لا معنى له. وإذا لم تعد للمسرح صلة بالجمهور فهذا الأمر ناجم عن أن المسرح لم يدرك بعد ما يراد منه " (22).
ولعل ذلك ما دفع ببريشت إلى تأسيس مسرح ثوري لا أرسطي يتماشى والتحولات التاريخية والاجتماعية التي تعرفها المجتمعات الحديثة. وتبنى الماركسية كتوجه فكري وإيديولوجي, والمادية الجدلية كمنهج علمي وتاريخي. وجعل من المسرح مرآة تعكس التناقضات الطبقية والشروخ الكبيرة التي تفصل بين الطبقات البرجوازية والطبقات الاجتماعية المحرومة. ولم يفتأ يوجه رسالاته الصريحة إلى جمهوره المغترب داخل "أسطورة " الحياة اليومية وداخل المجتمعات الرأسمالية الاستهلاكية من أجل إعمال عقله للتخلص من هذا الاغتراب. " فرؤية بريشت للتاريخ تقف تماما مع المادية التاريخية, وتستخدم مشكلة الاغتراب كنقطة انطلاق " (23).
والتغريب Distanciation أو " الاغتراب" هو في أبسط معانيه جعل المألوف بالنسبة إلى الجمهور غريبا وشاذا ومثيرا للأسئلة والاستفسارات. فالبرجوازية والطبقات الحاكمة تقدم للجماهير أمورا تبدو في غاية البداهة والبساطة, إلا أنها في الواقع غامضة وملتبسة وتنطوي على حمولة إيديولوجيا مضادة لطموح وإرادة الجماهير الكادحة. وبواسطة التغريب الذي يدعو إلى توقيف الحدث في سيرورة الحكاية المسرحية, يستعمل الجمهور عقله في إزالة القناع عن كل شيء وانتقاده وإدراك معانيه القريبة والبعيدة. وتقترن الفائدة التي يجنيها الجمهور في المسرح الملحمي بالمتعة واللذة كذلك, غير أنها ليست متعة رخيصة ومبتذلة. وهو ما يتردد في أماكن عديدة من الأورغانون الصغير لبريشت, حيث يرى مثلا أن تقديم المتعة والتسلية يجب أن يقدم إلى طبقة الفقراء والمحرومين, وبذلك " يحصل بناة المجتمع على المتعة من الحكمة التي تحل المشاكل. و من الغضب الذي يمكن أن ينمو فيه العطف على المضطهدين، و من احترام البشرية, أي من حب الإنسانية" (24).
و المسرح في نهاية المطاف ليس إلا فضاء يقصده الناس لكسر رتابة الحياة والاستمتاع بعروض فنية يجدون فيها خير عزاء و خير معوض عن الواقع المرير الذي يكتوون بلظاه. والمسرح الذي لا يستطيع تحقيق المتعة للجمهور يجب أن يعاد فيه النظر لأن الحياة نفسها تنبني على مفارقات الجد و الهزل و الانضباط والتسيب ... و لو لا هذه المتناقضات لما اكتسبت سحرها و قوتها الخفية.
ومن باب الإنصاف القول بأن التقعيد للتلقي المسرحي والأثر الناتج عن هذه العملية لم ينظرله أحد بشكل علمي و عميق بعد أر سطو حتى جاء بريشت في مسرحه الملحمي. إذ جعل من الجمهور اللبنة الأساسية التي يقوم عليها المسرح، و استبدل التطهير بالتغيير دافعا بالمتفرج نحو امتلاك الواقع والتأثير عليه بذل التأثر به، و هذا يعني أنه غير أفق انتظار متلقيه الذي صار ناقدا و مناقشا و مطلعا على الواقع الذي ينبغي تغييره من خلال النموذج الافتراضي الذي يشاهده في المسرح. وقد عمد بريشت إلى دفع القاعة في الخشبة و هدم الجدار الرابع ليصير التواصل مباشرا بين الممثلين والجمهور الذي يجب ألا يندمج في مجريات الأحداث و يبقى يقضا متتبعا لما يدور حوله بعقله لا بعاطفته و قلبه.
3-3 المسرح الفقير : المتفرج أساس التمسرح.
يعد جيرزي غروتوفسكي G.Grotowsky أحد عمالقة التجريب المسرحي الذين عملوا على خلخلة الثوابت المسرحية الموروثة. وقد فطن بفضل ثقافته الواسعة والمتنوعة إلى إعادة النظر في مفهوم المسرح ومكانته ووظيفته. وكانت النتيجة التي تمخضت عنها أبحاثه هي ولادة ما سماه بالمسرح الفقير Théâtre Pauvre الذي يرتكز بشكل أساسي على الممثل دون أن يغفل الجمهور كذلك. أما باقي المكونات المسرحية الأخرى فيمكن الاستغناء عنها بما في ذلك النص المسرحي و الأدوات السينوغرافية. ذلك أن " قبول فقر المسرح و تعريته من كل شيء يعيده إلى أصوله و منابعه الأولى " (25).
و ما دام أن العودة إلى الأصول مطلب كبار المسرحيين الطليعيين، فإن السبيل إلى بلوغ هذا المرمى في نظر غروتوفسكي هو إفقار المسرح من كل المؤثثات و الديكورات والمكملات التي أعطته وجها غير وجهه الحقيقي. و التركيز فقط على العلاقة الجدلية بين الممثل والمتفرج في تحقيق التمسرح. و يرى كريستيان جيلو أن هذه العلاقة في المسرح الفقير هي علاقة مادية- مازوشية، حيث يعاني الممثل من جهة من ألمه الخاص و يتمتع بفعاليته، كما يتمتع المتفرج من ناحية أخرى بهذا الألم الذي يتلقاه لأنه يعني بالنسبة إليه اكتشاف القوى العميقة و تحررا من كل ما يمكن أن يخنقه" (26).
و قد فرضت جمالية المسرح الفقير فضاءا مسرحيا مغايرا للعلبة الإيطالية. في هذا الإطار، و من أجل الدفع بالمتفرج إلى الاندماج التام في الأحداث ومشاركته الوجدانية للمثلين, دعا غروتوفسكي الى إقامة عروضه المسرحية داخل حجرة عادية لا يتم الفصل فيها بين المرسلين والمتلقين لكي يتحقق ذلك التواصل الحميمي المباشر بين الطرفين دون حاجز او مانع. يقول غروتوفسكي : " لهذا يجب القضاء على البعد بين الممثلين والجمهور بحذف المنصة وإزالة كل الحدود . دع أعنف منظر يحدث وجها لوجه المشاهد على بعد ذراع من الممثل, ويستطيع أن يحس بأنفاسه ويشم عرقه, ويقتضي هذا ضمنا الحاجة إلى مسرح حجرة" (27).
لم يعد هناك وجود لمفهوم الخشبة La scène ما دام أن اللعب يتم داخل حجرة. ولعل وجود الممثلين إلى جانب المتفرجين هو ما سيخلق ذلك الانصهار والالتحام الذي سيساهم بالضرورة في طقوسية العرض وإكسابه طابع الافتتان و السحر. ويذهب بيتر بروك Peter Broock إلى أن تقديم غروتوفسكي لعروضه أمام ثلاثين مشاهدا فقط هو اختيار مقصود " فهو مقتنع أن المشاكل التي يواجهها الممثل أصعب من أن تسمح بالتفكير في جمهور أكثر عددا " (28).
ويبدو أن فراغ الفضاء المسرحي عند غرتوفسكي ناتج عن رغبة هذا الأخير في عدم حجب الرؤية عن المتفرج. كما أن اختيار عرض المسرح الفقير لفرجا ته لعدد محدود من المتفرجين هو ما جعله يوصف بالنخبوي لأن هذه النخبوية لا ترتبط بمعايير اقتصادية أو اجتماعية أو حتى ثقافية, إذ أن الإنسان ا لبسيط الذي ليس في جعبته لا مال و لا جاه و لا ثقافة واسعة يمكنه أن يحضر عروض المسرح الفقير. يقول كريستيان جيلو موضحا هذه النقطة. "و هو مسرح نخبوي لأنه يتوجه إلى فئة معينة من الناس، أولئك الذين يشعرون بضرورة هذا الكشف la révelation " (29).
إن الشرط الذي بموجبه يمكن إشراك أي شخص كمتفرج في مسرح غروتوفسكي هو ذلك الاستعداد القبلي لمعايشة الطقس المسرحي و الكشف الذي يترتب عنه. و عندما يتحول المتفرج من عنصر منفعل إلى عنصر فاعل، فإن هذا يعني البحث عن صيغ جديدة للتلقي و المشاركة. غير أن المسرح الفقير رغم ذلك يظل مسرحا يبحث عن الصفوة. يقول غروتوفسكي :"نحن لا نقدم تسلية لشخص يذهب إلى المسرح لسد حاجة اجتماعية تقتضي الاحتكاك بالثقافة .. يهمنا المشاهد الذي لديه احتياجات روحية أصيلة و الذي يريد تحليل نفسه عن طريق المجابهة مع عرض مسرحي" (30).
ولا يمكن للمشاهد أن يبلغ هذا المستوى إلا إذا كان يشعر حقا بالحاجة إلى ضرورة اندماجه اللامشروط داخل العرض المسرحي، ووعيه بأهمية المسرح في تطهير الروح وإكسابها طاقة حيوية جديدة. و كذا انخراطه داخل هذا النسيج المركب، لأن من شأن ذلك أيضا إثارة الانتباه إلى العلاقة الجدلية بينه و بين الروح لخلق توازن و تكافؤ على كافة المستويات.
خلاصة :
يتضح لنا جليا مما تقدم أن إشكالية التلقي المسرحي ترتبط بطبيعة المسرح الذي ينطوي على شتى أنواع التعابير التي تتراوح بين السمعي والمرئي والمكتوب...
وهو ما يعقد مهمة المتفرج الذي يجد نفسه أمام ترسانة كبيرة من الإرساليات التي يجب عليه فهمها واستيعاب محتوياتها التقريرية والإيحائية. ويمكن في هذا الإطار تفعيل اجتهادات رواد جمالية التلقي وتكييفها مع طبيعة المسرح حتى يمكن خلق متفرج نوعي ومشارك في صنع العمل المسرحي وليس فقط مجرد مستهلك سلبي لكل أنواع الخطابات. ولن يتم ذلك طبعا إلا بانفتاح هذا المتفرج على الريبرتوار المسرحي العالمي وعلى جل التيارات المسرحية التجريبية والطليعية وإدراكه لتقليعاتها الفنية والجمالية. وهو ما سيمكنه من اكتساب ثقافة مسرحية تساعده على فهم اواليات اشتغال أب الفنون, وتنتشله من دائرة السلب إلى دائرة الإيجاب ومن محيط الكم إلى محيط الكيف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://chicavara.yoo7.com
 
التلقي المسرحي في المسارح التجريبية الحديثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المسرحي الدكتور محمد الكغاط

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التجديد :: منتدى الفن والسينما :: عالم المسرح-
انتقل الى: